• RSS
  • Delicious
  • Digg
  • Facebook
  • Twitter

الطائر الروح فى الأدب الفارسى الصوفى..روبا عبدى

ترجمه عن الإنجليزية/ أميرة طلعت
اللوحة للفنانة الايرانية: فارسيا رئيس روهانى
معادلة النفس البشرية بالطائر موجودة فى أدب الأساطير، الأدب الصوفى فى جميع أنحاء العالم من "الحلاج" حتى "سنائى"، و "الرومى" ولقد استخدم الأدب الصوفى الفارسى رمز الطائر بطريقة جميلة. فالروح البشرية مثل الطائر قد تختار أن تظل محبوسة فى قفص فى هذا العالم الفانى أو أن تطير نحو الحرية. وقد استخدم ابن سينا هذه الفكرة وكتب "الغزالى" {رسالة الطير} . عندليب الشعر الصوفى -الذى يتوق إلى الوردة- يغنى ليل نهار تلهفه ورغبته التى لم يشبعها. يعانى دونما شكوى لدغَ أشواكها- هو توق ورغبة الروح فى الجمال الأبدى. وهذا التوق والرغبة هو الذى يحث الطائر / الروح على الغناء. فالرغبة والتوق هى أقصى الحالات إبداعًا التى تسطيع الروحُ الوصول إليها .
وغالبا ما يتحدث الرومى عن الروح على أنها صقر أبيض مَنفِى بين الغربان السوداء، أو كعندليب فى صحبة غربان سود. تورية الرومى فى كلمة الصقر "باز" والتى تعنى فى الفارسية أيضا "العودة" تشير إلى رغبة الـباز أن يعود إلى سيده ومولاه.
ورغم الرمز فى رحلة طائر الروح إلى ملاذها الأخير – قد طورها "عطار"[1] – أستاذ حكى القصة فى إيران- بإخلاص فى  قصيدته الملحمية {منطق طير} "مجلس الطير"  اوكما هو معروف ب " مؤتمر الطيور". فريد الدين العطار والعطار (تعنى بائع العطور والروائح) وهو تاجر بحكم مهنته- يعتبره العديدون أعظم كتاب الـ"مثنوى" فى الشعر الفارسى الصوفى بعد الرومى .وقد ولد فى "نيسابور" بشمال شرق إيران وتوفى هناك  فى عام 1221هـ.وقد وجدت فكرة  السفر والصعود نحو الوطن الروحى -و هى فكرة عزيزة إلى الصوفيين المسلمين– تعبيرها الشعرى المناسب فى شعر العطار. وقد شُكّل "مجلس الطير" معتمدا على {رسالة الطير} الذى ألفه قبل نصف قرن أستاذ صوفى آخر وهو "أحمد الغزالى" سنة 1126هـجرية.
ويدور كتاب {مجلس الطير} حول حول قرار اتخذته طيور العالم وهو أن يبدأوا رحلة للبحث عن ملكهم. "السيمورغ" –وشكوكهم الضعيفة ومخاوفهم– و معرفة نصيحة قائدهم الهدهد ويتلعثم كل طائر بدوره  عندما يحثهم  قائدهم بحكايات رمزية نموذجية ليقتدوا بها، وتشمل عدة إشارات لبعض أوائل المسلمين الصوفيين مثل "رابعة العدوية" و "أبو سعيد بن أبى الخير" و "منصور الحلاج" و"الشبلى" وتمثل الطيور المختلفة الأنواع المختلفة للشخصيات البشرية وأيضا الخصائص المعقدة التى تكوّن الفرد البشرى.
وفى هذه الأربعة ألاف وخمسمائة زوج من الأبيات الشعرية  -يتحدث "العطار" لنا  لباطننا. فلقد ولدنا جميعا بأجنحة لكن القليل منا فقط هو الذى يكتشفهم خلال حياته، أجنحة لكى نعود بها إلى الوطن –حيث يوجد الـ"السيمورغ" الصوفى. –سيد كل الطيور– والذى يعيش عالم يحيط بجبل "قاف. وهذه الرحلة جوهريا هى تقدم الروح نحو الارتقاء الداخلى.
ويرمز "العطار" للمراحل المختلفة لهذه الرحلة الروحية – والتى قد تأخد تسلسلا مختلفا فى الأفراد المختلفين- بالوديان السبعة. وربما استُخدِمت سلسلة الوديان لتدل على أن هذه الرحلة ليست ذات صعود منفرد . ويحدث فى مراحل أنك قد تعبر واديا فتجد نفسك فى أسفل آخر. فالوديان إما تفتن وتسحر أو أنها توقِع فى شَرَك وعلى عابر السبيل إما أن يتريث أو أن يقع فى أحدهم. وتَفسّر هذه الوديان كما يلى :
اللوحة للفنانة الايرانية: فارسيا رئيس روهانى
وادى الرغبة والبحث :  وفيه تجد رغبة وبحث كل المخلوقات –الذين لا يعرفون أنفسهم– الذين يتوقون إلى الوطن الأصلى، إنه الشوق والحنين الغريب الذى يتملك البعض عندما نستمع إلى موسيقى جميلة أو نرى جمالا فى الطبيعة- جبالها وأوديتها محيطاتها وفصول الربيع ....إنه هذا الشوق الذى يقودنا من رغبة إلى أخرى.بدون أن نعلم أى شئ قد يطفىء ظمأنا لإحدى الرغبات أو جميعها- من كتاب {الترشينا} لادويت يوجى.
وادى الحب : الكل يريد الحب الذى ينقى. والحب يجدد حياة العاشق ويحولها إلى تلك الدرجة التى بشعر فيها بكل كيانه يخضع للتغير، وتنقى خلقه، ترتقى به إلى مرتبة أعلى ونغمة عقلية أسمى. فالمستسلم للحب الحقيقى، غير مهتم بالتقاليد الدينية، السمعة، الاسم، الشهرة، مثل حب المجنون لليلى، وحب "شيخ سنان" لفتاة مسيحية حيث تخلى عن مسبحة تطويق الكافر، ومثل حب "ميرابى" لحبيبها "ﮔردهار ﮔوبال"- من كتاب {البقطى ويوجا سمربان البقطى}.
وادى المعرفة الحدسية :  ويعرف أيضا بحكمة القلب "معرفة" وهى استلهام مباشر للحقيقة كما تعارضها المعرفة المنطقية. وهذه هى الـ"اتمجيانا" أو "اتمابوده" المذكورة فى "ادويتا" .وهذا الإيحاء يقود للانعزال عن كل الأشياء الفانية. (وادى الانعزال) –وإدراك وحدة الوجود كله (وادى الوحدة) لكل من العالم المدرك بالحواس والآخر المنطقى.كل المتناقضات تذوب ويتم اعتزال كل شئ وتوحيده، وتختلط كل الأشكال إلى جوهر واحد كبير.
وكما يقول "الجامى" فإن التوحيد يكمن فى توحيد القلب بمعنى تطهيره وتعريته وتجريده من أى شئ سوى "الحقيقة" وليس شاملا فقط للرغبة والإرادة ولكن أيضا للمعرفة والذكاء .وهذا الوادى يقود إلى "وادى الارتباك " ،وهذه هى الليلة السوداء الطويلة للروح، وقد أشار إليها العديد من المسيحين الجنوستك[2] –حالة من الحزن الأبدى والرغبة الشديدة – والصراع أن تقع فى الحب لكن بدون أن تعلم فى حب من.
وأخيرا فى وادى الفقر والإبادة : تدرك الطيور المتعطشة والتى تحملت عناء الرحلة المؤلمة بحثا عن " السيمورغ" أنهم هم أنفسهم ال "سه مرغ" (تعنى ثلاثين طائرا فى الفارسية) والتى تعنى فى الفارسية الطيور المتعطشة .وبهذا تنتهى القصة بواحدة من أكثر التوريات إبداعا فى الشعر الفارسى الصوفى. وهذا هو المطلب الجوهرى والأساسى بعد حالة الـ"فناء" – إبطال الصوفية فى الوجود المقدس عندما يستطيع الساعى أن بجد طريقه فى محيط نفسه كل النهايات التى لطالما تلهف إلبها، ومع ذلك ليست هذه هى النهاية. عندما أنهت الروح رحلتها إلى الله، الرحلة إلى الله تبدأ – الحالة التى يسميها الصوفيين الـ "بقاء" أى أن الحياة الدائمة لله-. وحالة سات شيت اناندا فى يوجا ادويتا وحالة الـ"سهج" للشاعر الصوفى الهندى "كبير". وهنا تمتد الروح لأعماق جديدة لا يسبر غورها، والكون المقدس –الذى لا يستطيع لسان وصفه. ومشيرا لهذه الحالة يقول الغزالى: "عندما أرى أشعة هذه الشمس، أرتد خارج الوجود. والماء يعود إلى الماء. ونقطة المياه تعود فى النهاية إلى المحيط. والهيئة الفانية للفراشة تتقلص إلى دخان ورماد عند معانقة مشاعر شعلتها الحبيبة. إنها حالة الـ"النيرفانا" والـ"موكشا" للطائر / الروح التى يعود أخيرا إلى الوطن.


[1] فريد الدين العطار: شاعر فارسى متصوف وله كتاب يدعى "مجلس الطير". (المترجم)
[2] مبدأ يونانى يقوم على الإدراك الحدسى للحقائق الروحية ولهم صيغة سرية لالتماس المعرفة (المترجم).

0 تعليقات:

Post a Comment

 

الأعداد السابقة

1 2 3 4
5 6 7 8
9 10 11 12
13 14 15 16
       

محرر إيران خان

أنت الزائر رقم

Followers

Copyright 2010 إيران خان - All Rights Reserved.
Designed by Web2feel.com | Bloggerized by Lasantha - Premiumbloggertemplates.com | Affordable HTML Templates from Herotemplates.com.