العنوان الأصلى للمقال: A brief history of Persian Miniature
المصدر: http://www.iranchamber.com/art/articles/history_iranian_miniature.php
ترجمه عن الإنجليزية: أيمن بدر
إنه من العسير تتبع أصول فن المنمنمات الفارسية، كما وصل إلى ذروته غالبا أثناء العصرين المغولى والتيمورى (من القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر الهجريين). فحكام المغول غرسوا الإعجاب بالتصوير الزيتى الصينى وجلبوا معهم عدد كبير من الفنانين الصينيين. الورق نفسه وصل إلى بلاد فارس من الصين سنة 753 بعد الميلاد. ومن هنا فالتأثر بالصينيين قوى جدا.
أما الوظيفة الأساسية للمنمنمات كانت للتزيين. فهى تعطى صورة مرئية للحبكة الأدبية جاعلة إياها أكثر إمتاعا وأسهل للفهم. فالمنمنمات تطورت عبر تزاوج اللغة الفنية والشعرية وحصلت على انسجام وعميق وصادق مع الشعر.
مدرسة شيراز، الشاهنامة، للفردوسى
وأثناء العشر القرون الأخيرة كان هناك العديد من الأعمال الأدبية العظيمة تلهم فنانين عظام يومئذ. وفى نهاية القرن العاشر أبدع "الفرودسى" ملحمته الشعرية الخالدة {شاهنامه} (كتاب الملوك) التى تكونت مما يقرب من خمسين ألف مقطع شعرى تروى من خلال الواقع والأسطورة، وتاريخ الدولة من خلق العالم إلى الفتح العربى القرن السابع. وفى القرن الثانى عشر أبدع الشاعر "نظامى" ملحمته الرومانسية {خمسه} (خمس قصص شعرية)، والتى كانت شعبية جدا وقُلدت العديد من المرات بواسطة الشعراء الهنود الذين يكتبون بالفارسية.
أما القرن الثالث عشر شهد إبداع أعمال عظيمة لـ"سعدى" مؤلف العمل الشهير {بستان} و{ﮔلستان}. و{ﮔلستان} هى مجموعة حكايات أخلاقية وممتعة وأمثال كتبت نثرا أنيقا موزونا –وفى الفواصل- فى شكل سطور مناسبة من الشعر. {بستان} قصيدة جدلية وغنائية عاطفية وقصصية فى بنيتها. وتعتبر واحدة من القطع النادرة فى الأدب الفارسى.
وفى القرن الرابع عشر كانت هناك أعمال لامعة ورومانسية لـ "أمير خسرو دهلوى" و"خاجو كرمانى" و"حافظ" و"كمال خودجاندى". بينما فى القرن الخامس عشر كان زمن الشاعر البارز "جامى" الذى كتب السبع قصائد الملحمية المسماة {هفت اورنـﮓ} (السبع عروش أو اورسا الرئيسية). وشعره تطرّق إلى مختلف مجالات الأدب السابقة.
والثراء العظيم للأدب الخلاق سبب نشوء العدد من مدارس المنمنمات الهامة وكلاً لها أسلوبها الفريد وخلق تنوع كبير فى التصوير الزيتى. ومن خلال تلك المدارس حقق فن المنمنمات تطوره العظيم فى كلا من إيران وآسيا الوسطى. ثلاث من المدارس المؤثرة كانت فى شيراز وتبريز وهيرات.
وفى القرن الثالث عشر والرابع عشر شهدت شيراز عاصمة بلاد فارس ارتفاعا جديدا فى تطور حياتها الثقافية. وكان هذا وقت "سعدى" و"خاجو كرمانى" وحافظ". ازدهر الشعر وكذلك المنمنمات. وواحد من أهم الأعمال فى التزيين بتلك الفترة كان {شاهنامه} وفى شيراز كان هناك فريق عمل كبير من الفنانين مكرسين لها. وفى منمنمات شيراز فى القرن الرابع عشر كان تناسق البناء مسيطرا وفى بنية الجزء الغالب كان يشبه النسيج ويتقدم للأمام فى خط مستقيم وبرتابة.
مدرسة تبريز، "بندج گندج"، أمير خسرو دهلوى
ومع ذلك كان لمدرسة شيراز تأثير كبير على إيران وبنهاية القرن الخامس عشر كانت تنتج منمنمات بجودة عالية. وأظهر تزيين {خمسه} (1941) لـ"تظامى" مثال لفن شيراز فى ذروته. وكله كاملٌ وواضح كلا فى البنية وتوزيع التفاصيل وفى الخطوط الخارجية للصور الظلية. فالخطوط ثابتة وجريئة.
وقرب نهاية القرن الثالث عشر أُسست مدرسة تبريز الفنية. فالتطور الفنى المبكر لمدرسة تبريز اختلف عن مدرسة شيراز، حيث اتجه تزيينهم لجمع مسحات أقصى الشرق مع الأسلوب الأرمينو بيزنطى فى التصوير الزيتى. ونستطيع وصف التأثير الأخير بالموقع الجغرافى لتبريز التى تقع على حدود الإقليم الأرمينى.
نشأت العلاقات القريبة بين الأساليب الفنية المختلفة لمدرستى شيراز وتبريز الفنيتين فى بداية القرن الخامس عشر. وهذه الفترة متصلة بهجرة عظيمة لفنانين بدأوا بعد أن غزا تيمور بغداد (فى 1393، 1401) وتبريز (1402). والعديد منهم أُحضروا إلى (سمرقند) عاصمة الغازىوكذلك فى بلاط حفيده، اسكندر سلطان حاكم شيراز. وفى الاستوديوهات الجديدة تكيفوا للأفكار والأذواق الموجودة حينئذ ولكن فى نفس الوقت قدمت الكثير من العادات التى اتبعوها طويلا قبل الهجرة.
وفى القرن السادس عشر فى الأقاليم الكبيرة فى إيران ووسط آسيا كان شعر "جامى" كان شعبيا إلى أبعد حد وأثرى فن التصوير الزيتى بموضوعات جديدة. وهذه كانت بداية تطور عظيم خلال مدارس الفن المتنوعة فى إيران. وفى منمنمات تبريز فى هذه الفترة ظهرت قدرة عظيمة للإبداع فى مساحة محدودة وخداع كامل للمشهد الرئيسى أو المنظر الطبيعى، على سبيل المثال صورة بناء قصر تشمل جزء من فنائها وحديقة داخلية ودواخل القصر.
فن العمارة والمناظر الطبيعية من الآن فصاعدا كانت تُضمّن كاملة إذا أتيح ذلك. فالأشكال فى البنية لم تعد مقيدة وثابتة ورسمت أكثر بطريقة حيوية وطبيعية.
وفى نصف القرن الخامس عشر أُسست مدرسة فنية فى هيرات. وانتقل إليها معظم الفنانين فى مدرستى تبريز وشيراز. فى منمنمات هيرات الأولى أصبح شكل التصوير أكثر مهارة واكتسب الرسم دقة أعظم. كما زادت مهارة الفنانين رُتبت الأشكال بجرأة أكثر وببنية متناغمة من البشر صانعة البيئة مجرد مكمّل.
مدرسة هيرات، "خمسه"، نظامى
وكان "كمال الدين بهزاد" واحدا من أعظم الفنانين المؤثرين فى مدرسة هيرات، والذى تأثر فنه الإبداعى تأثرا عظيما بأعمال الشعراء: "جامى" و"ناواى". وفى أعماله الخاصة ظهر هناك تركيز فريد فى الوصف بالرسم ليس مجرد بشر ولكن أيضا ما يحيط بهم فى حياتهم اليومية. ورسومات "بهزاد" نقلت فن المنمنمات إلى العنفوان الصادق. فقد قاسم شهرة رسومات هيرات مع رسّامى المنمنات الآخرين فى تلك الفترة: معلمه ورئيس استوديو البلاط "ميراك نكاش" و"قاسم على" و"خوجه محمد نكاش" و"شاه مظفّر".
أصبح موضوع المنمنمات اكثر محدودية كلما مر الزمن. ففى القرن السابع عشر كان هناك مشاهد الحب والبورتريهات وبعض الصور الأوربية المنسوخة غالبة. وفى القرن الثامن عشر ظهر جيل جديد من الزهور والطيور. 
