سيمين دانشوار
ولدت "سيمين دانشوار" عام 1921فى شيراز، تعلمت بمدرسة تبشيرية وأصحبت طليقة فى اللغة الإنجليزية. وقد بدأت الكتابة منذ بداية عام 1935 عندما كانت لا تزال تلميذة فى الثامنة. ونُشِر مقالها الأول " الشتاء لا يشبه حياتنا" فى جريدة "شيراز" المحلية. وقد دخلت جامعة "طهران" وتخصصت فى الأدب الفارسى. وعندما توفى والدها – الطبيب- عام 1941، وجدت "دانشوار" نفسها مضطرة لإيجاد وظيفة- وذلك لأن مصدر دخل عائلتها الوحيد كان مرتب والدها. فعملت فى راديو "طهران" حيث كتبت مجموعة حلقات لبرنامج بعنوان "الشيرازى المجهول" والتى تقاضت عنها أجرا زهيدا. حتى أنها كتبت مقالات فى الطبخ من أجل حاجتها الشديدة إلى المال. وأخيرا فإن طلاقتها فى الإنجليزية مكّنتها من أن تصبح مساعدة لمدير الأخبار الخارجية. ولكنها سرعان ما ملّت الطبيعة الروتينية لهذه الوظيفة فتركت راديو طهران إلى صحيفة تدعى "إيران" – وكانت تكتب فيها المقالات وتترجم. وقد شجعت البيئة المستقرة سياسيا واجتماعيا للأربعينات"دانشوار" - حيث سادت بعض درجات الديمقراطية وحرية التعبير- لتختار الصحافة كمهنة ثابتة.
وخلال عملها فى " إيران" (1941- 1945) قررت أن تجرب نفسها فى كتابة القصص. فكتبت بعد ذلك دون أى معرفة بأسلوب كتابة القصة: "النار المُطفأة" فى عام 1948وهى فى السابعة والعشرين. ورغم أن سبعة من قصصها الستة عشر مستوحاه من" أو. هنرى"، وأنها نشرت الكتاب فى شكل المسودة الأولى، إلا أن العناصر الأساسية لأسلوبها كانت واضحة. وأصبحت "دانشوار" معروفة بكونها تلميذة لـ" أو. هنرى" فتتعامل مثله مع قضايا الحياة الأساسية الحياة، الموت، الحب والتضحية بالنفس.
ولأنها نموذج من كُتّاب الأربعينات، فقد عكفت على قضايا المجتمع الإيرانى، فوضعت قيم الصواب جنبا إلى جنب إلى الخطأ: مثل الفقر ضد الثروة أو الحياة السعيدة للأغنياء والتى تقابل حياة الفقراء البائسة والأسباب الأخلاقية التى تدين أحدا وتثنى على الآخر.
وقد حصلت "دانشوار" على الدكتوراة فى الأدب الفارسى من جامعة "طهران" فى العام التالى لنشر "النار المطفأة" كانت رسالة الدكتوراة الخاصة بها عن : "معالجة الجمال فى الأدب الفارسى"، وقد تم تحسينها فى عام 1949 تحت إشراف الدكتور "بديع الزمان فوروزنفار". ومن ثم تعرفت على "جلال آل احمد" الكاتب المعاصر المشهور -الروائى وكاتب القصة القصيرة والناقد الإجتماعى- خلال رحلة من "أصفهان" إلى "طهران"، ثم تزوجا عام 1950. وبعد سنتين تلقت "دانشوار" منحة "فولبرايت" الدراسية، وسافرت إلى جامعة "ستانفورد" كتابعة لـ"فولبرايت" وعملت فى الكتابة الإبداعية لمدة عامين. وخلال هذا الوقت قامت بنشر قصتين قصيرتين بالإنجليزية فى "مجلة باسيفيك سبيكتاتور".
وعند عودتها إلى إيران انضمت إلى جامعة" طهران" حيث عملت كأستاذ مساعد لتاريخ الأدب- المنصب الذى تقلدته لمدة عشرين عاما. ولم يُسمح لـ"دانشوار" أبدا بمنصب الأستاذ أبدا- ولم يكن ذلك لنقص فى مؤهلاتها أو أوراقها- ولكن بسبب سياسة "الشاه" السرية كما علمت فيما بعد من رئيس الجامعة. ودائما ما كانت محاضِرة صريحة فصيحة واضحة وكانت مؤمنة بأن مسئوليتها الأولى هى مسئولية تجاه طلابها. ولهذا السبب تماما كانت هناك مواجهات عديدة بينها وبين" الشاه" خلال أعوامها فى الجامعة.
وفى عام 1961 نشرت "دانشوار" مجموعتها القصصية الثانية : "مدينة كالجنة" وفى نفس الوقت تعد ترجماتها لأعمال"تشيكوف" ،"شو"، "هاوثورن" ،"شنيتسلر" ،"سورايان" إلى الفارسية إضافة قيمة لمجموعة الأعمال الأجنبية الموجودة فى إيران. ولقد نضج أسلوب "دانشوار" النثرى فى "مدينة كالجنة" وأصبح أقرب إلى لغة الناس، فلم يعد منهجيا كما كان من قبل فى "النار المطفأة" حيث قامت بتطوير أسلوبا يشمل جملا واضحة موجزة وقصيرة.
وعكفت أيضا فى هذه المرحلة على مبدأ الوقت. فقد شعرت بالحاجة لتذكر قرائها باستمرار بمرور الوقت على هيئة أيام، وأسابيع، أشهر، وفصول كما كان يفعل" آل احمد" و "ساعدى"[1] .
وأكدت " دانشوار" تكريسها لتسجيل حالات المرأة فى المجتمع الإيرانى فى قصة "مدينة كالجنة"، وهى هنا لم يعد تركيزها منصبا على خصائص المرأة بوجه عام وإنما اتخذت وضعا محايدا متعادلا وتجنبت أى حكم عليهن. فهى وصفت فقط النساء وحياتهن كما رأتها. وإن شخصياتها قادرات على أن تتحدثن عن أنفسهن وأن يشرحن أين تكمن نقاط ضعفهن وقوتهن.
إن "دانشوار" ناجحة إلى حد كبير فى رسم وإبداع العوالم الحقيقية والخيالية لشخصياتها على حد سواء، فهى فى {بيبى شهر بانو} ترسم الحياة الفعلية لأبطالها بمهارة كما ترسم فى ذات الوقت الحياة التى كانو يتمنونها. وفى "المسرح" فقد نجحت فى معالجة شخصية "سياه" وحبه السرى للفتاة بطريقة بارعة ووصلت بالشخصية لأعمق الحدود. وفى وصفها للفتاة كضحية للمجتمع وجهلها الشخصى استطاعت "دانشوار" أن تفوق جميع قصصها السابقة.
ونشرت "مدينة كالجنة" فى هذا الوقت، وكانت "دانشوار" لاتزال تحت وطأة ظل زوجها "آل احمد" والذى كان شكلا يفرض نفسه فى دوائر إيران الأدبية. وقد بدأ " آل احمد" ألكتابة فى عام 1945 ونشر قبل عام 1961 سبع روايات ومجموعات قصصية جاعلا من نفسه كاتبا وناقدا ملحوظا. حتى أنه قبل نشر رواية "دانشوار" الرائعة: "ساوشون" فى عام 1969 كانت قد اكتسبت شهرة ككاتبة لا غنى عنها للأدب الفارسى الحديث حتى أنها فاقت "آل احمد" فى الأهمية الأدبية. وكانت "ساوشون" أول رواية تكتبها كاتبة إيرانية وشكلت منظورا نسائيا وتمت طباعتها ستة عشر مرة وهى رواية عن الحياة القبلية المستقرة فى أنحاء بلدتها "شيراز" وكانت أكثر الروايات الإيرانية مبيعا. ولقد ساهمت أيضا فى المجلات الدورية مثل "سخن" و "الفبا". ولم يكن بـ"ساوشون" أى وجود لأسلوب أو بناء ضعيف. وتُحكى القصة من منظور "زارى" مصورة عائلة "شيرازى" مالكة للأرض تورطت فى سياسة الأربيعينات القذرة والتى أثارها متطفلون أجانب وانتهازيون محليون. ويقاوم البطل "يوسف" وزوج "زارى" رغبات الأجانب حتى أنه يبيع محصوله ليطعم جيش الاحتلال. وكان لابد نتيجة لذلك أن تحدث مجاعة لفلاحيه، ويدفع حياته ثمنا لعناده. ويكون المنظر الأخير فى الرواية هو موكب دفن "يوسف" والذى على وشك أن يتحول إلى مظاهرة ضخمة. ورغم أن جنود الحكومة قد شتتت المتظاهرين، حمل جسده أخوه و"زارى". ويعد هذا المشهد من أكثر القطع الأدبية الفارسية تحركا وروعة فى الكتابة. ففى "ساوشون" تدمج "دانشوار" أحداثا اجتماعية وعادات تقليدية ومعتقدات خالقةً قصةً مسرودةً بطريقة جميلة.
وقد توفى زوج "دانشوار" قبل نشر "ساوشون" بعدة شهور. وانهمكت" دانشوار" بعد وفاة زوجها فى الأنشطة التى كانت مهمة بالنسبة له. فاتخذت دورا رياديا فى رابطة الأدب – الذى ساعد "آل احمد" فى تأسيسها مشجعا صغار الكتاب فى جهودهم. ففى طريقها التى لم تصرح بحقيقته لكنها كانت عازمة عليه، فلقد منحت المفكرين والمنشقين المعارضين لحكومة "بهلوى" دعما معنويا، وعلى وجه التحديد فقد ركزت جهودها على مساعدة تلاميذها ماديا وأكاديميا. وهى عندما تشير إلى القضايا السياسية فى كتاباتها، يكون محتواها الرئيسى هو الأنظمة السياسية الظالمة، فـ"دانشوار" لم تلتزم أبدا بمذهب فكرى سياسى معين.
وخلال منتصف السبعينات، كان لـ"دانشوار" جانب حياة متدنى. وقد حافظت على منصبها كأستاذ مساعد، ثم أصبحت رئيسا لقسم تاريخ الأدب والحضارة. وبالإضافة إلى عملها فى الجامعة، كتبت مجموعة من القصص القصيرة، ونشرت مجموعة منها فى المجلات ثم تم جمعها أخيرا فى عام 1980. ووضعت مجموعة " لمن أقول مرحبا؟" "دانشوار" ككاتبة جيدة للقصة القصيرة وروائية قديرة. وفى قصص: "مكيدة الواشى" و " لمن أقول مرحبا؟" و "الحادثة" تمكنت نفس معايير التميز التى وضعتها فى "ساوشون" وتوسعت "دانشوار" فى إداناتها السابقة فى هذه المجموعة الأخيرة حيث يعكس تنوع شخصياتها واختيارها للأفكار فهمها الكامل المتمكن للمجتمع الإيرانى بوجوهه المتعددة. وهى على علم بالعقليات، الأهداف، المطامح، أساليب الحياة، وطريقة الحديث، وأساليب التعبير للطبقات الإجتماعية المتعددة للمجتمع الإيرانى. فشخصياتها المصقولة جيدا نماذج لعصرهم ومكانهم مقدمين رؤية نابضة بالحياة لسلوك الإيرانى. وتؤكد هذه الجودة فى كتاباتها، صدق عملها كمرآة حقيقية للمجتمع .
وتعبر قصص "دانشوار" عن الحقيقة أكثر من الخيال، وتحتوى على أفكار مثل سرقة الأطفال، الزنا، الزواج، الولادة، المرض، الموت، الخيانة، الاستغلال، الأمية، الجهل، الفقر، الوحدة. وهذه القضايا التى تعاملت معها كانت المشاكل الاجتماعية للستينات والسبعينات، والتى كانت مباشرة وصادقة للقارئ. وقد استلهمتها من شخصيات الناس حولها حيث قالت: ""لدى الناس البسطاء الكثير ليقدموه، فهم قادرون على ذلك بحرية وتعقل، ونحن بدورنا يجب علينا أن نعطيهم أفضل قدراتنا ومواهبنا. فيجب علينا من كل قلوبنا أن نساعدهم ليأخدوا ما يستحقوا."
"لمن أقول مرحبا؟" وفى عام 1981 أتمت مقالها عن "آل احمد" : {غروبى جلال} (فقدان جلال) وقد كانت هذه أكثر القطع التى كتبتها تأثيرا وهى أيضا أفضل عمل يصف شخصية أحد قواد إيران الأدبيين. وربطت "دانشوار" أيامها الأخيرة ب"آل احمد" بفهم عاطفى مفصل . ويعد نثرها المنهجى خير دليل لبراعتها فى الأدب الفارسى القديم.
أعمال "سيمين دانشوار" :
1- {ساريبانى سرﮔردان} راكب الجمل المتجول.
2- {جزيرى يى سرﮔردانى} (جزيرة الطواف).
3- {ماه} (القمر).
4- {ساووشون} (نادبو سياوش).
5- {شهرى مثلى بهشت} (مدينة تشبه الجنة).
6- {به كه سلام كنم؟} (لمن أرسل تحيتى؟)
أعمالها التى ترجمت:
· فى الهند ترجمت روايتها {ساووشون} إلى المالايالامية وقد ترجمها س.أ . قدسى.
· ترجمت {ساووشون} إلى الألمانية بعنوان "دراما الحداد"، ترجمها جلارى فرلاج، فرانكفورت، 1997.
· وترجمها ج. زندجانى إلى النورويجية بعنوان "عائلة من شيراز"، جلدندال نورسك فرلاج، أوسلو، 2007.
وترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات كالإنجليزية والألمانية والفرنسية.
المراجع:
0 تعليقات:
Post a Comment