• RSS
  • Delicious
  • Digg
  • Facebook
  • Twitter

الصحارَى فى الأدب الفارسى.. الكاتب/ماهين تجدد



ترجمها عن الإنجليزية: أميرة طلعت
إن تعاليم الصوفية الفارسية تقارن المطلب الروحى بعبور وديان الصحارى. وتُعدِّد الصوفية سبعا من هذه الوديان وهم :
البحث، الحب ، المعرفة، الاستقلال، الوحدة (الانسجام)، الذهول (الإبطال) . والطريق محفوف بالمخاطر. والزهد هو تطهير الروح، وإنكار الأهواء والشهوات، وترك كل الرغبات الدنيوية لأنها أشواك تنتظر فى طريق الصوفية. فالذهب –وامتلاك السلع- الذى يزيغ لمرآها البصر والفؤاد يثير الحسد والرغبة. فكل الأشياء الدنيوية التافهة تبدو أشياءَ وهمية فى طريق هذا المسافر الظمآن المتعتش.
وتحتاج كل قافلة إلى دليل ومرشد لتعبر الصحراء، فما من أحد يكون أحمقا حتى يغامر بعبور الرمال مترامية الأطراف بدون شخصا ما ليقوده. وبالمثل فإن تعاليم الصوفية الإيرانية تتطلب من يسعى وراء الحقيقة ومن يسعى لمساعدة الشيوخ (ﭙير) الأسياد الذين بوسعهم أن ينيروا لهم الطريق. فلن تجد تابعا يخاطر فى الانطلاق فى طريق التقوى دون مساعدة ملقّن يوجهه ويمده بالمعرفة المطلوبة. ومثل قائد القافلة الذى يمسك بعنان الجمل ليقوده ويقود راكبه عبر الطرق الخطيرة، فإن المرشد الروحى يمسك فى يده السلسلة ليقود حديثى العهد بطريق الهداية.
ويصف "العطار" - شاعر فارسى عظيم من القرن الثانى عشر – اتحاد الطيور فى رحلة تبدأ بعد أن قرروا الانطلاق بحثا عن ملكهم. والتى قادها الهدهد – وهو طائر مشهور فى الأساطير حيث كان رفيق "سليمان" الذى يعرف كيف يتجنب السراب ويرى من بعيد أثقاب المياة –حيث انطلقو إلى جبل يسمى " قاف" – بيت الـ"السيمورغ" حاكم الطيور. ولم يستطع العديد من المسافرين تحمل الحرارة والجوع، العطش والخوف من المجهول، مفضلين أن يعودوا إلى الأراضى التى تبعث بالسرور والطمأنينة بينما وجد آخرون فى أنفسهم الشجاعة لتحمل الرحلة ومخاطرها. ويموت الكثير منهم فى الطريق من الجوع والعطش. ويصل ثلاثون فقط من هذه الطيور (بالفارسية، سه مرغ[1]) إلى هدفهم. فيطيرون إلى "قاف" ويقابلون موضع بحثهم فى اتحاد صوفى.
ولذا فإن هؤلاء الثلاثون طائرا يتأملون انعكاس وجه الـ"سيمورغ" على وجوههم . . فوجدوا أنه فعلا الـ"سيمورغ" وإذا ما نظروا إلى أنفسهم فإنهم يروون أنهم أيضا الـ"سيمورغ" وأخيرا بعد أن نظروا بالطريقتين أدركوا أنهم و الـ"سيمورغ" واحدًا فى الحقيقة.
الغيلان والجان:
إن الصحارى فى الأساطير والأشعار الملحمية الفارسية هى أيضا أرض الغيلان والجان والعفاريت. وفى تعويذته للـ "سيمورغ" يشرح فيلسوف القرن الثانى عشر الإيرانى "السهروردى" كيف يمكن تجنب الغيلان المعروفين بـ "دوال ﭙا"[2] والذين يقفزون على أكتاف المسافرين ولا ينزلون إلا بعد أن يشنقوهم بأرجلهم. "فبمجرد أن يمر المسافر يلقى الـ"دوال ﭙا" بأقدامه ويمسكه من حنجرته، ويعوق فلا يجد ماء الحياة. ولكننى سمعت أنه يمكن للمرء النجاة إذا ما ذهب على "سفينة نوح" ويأخذ فى يده عصا موسى."
أما عن الجن المعروفين بـ "دجين" أيضا يسكنون الصحراء: ويمكن التعرف عليهم من خلال القباقيب التى يرتدونها، وهم أقل خطورة من الغيلان أوالشياطين. أما الـ"ﭙيرس" وهم مخلوقات كالجن وتجسيد للجمال والرحمة– فيظهرون فقط بعد المساء. وتقول القصص بأن نصر الدين شاه والذى حكم بلاد فارس منذ عام 1848 حتى عام 1896 قد اعتاد أن يرتدى بحرص كل مساء، وبعد ذلك ينطلق على حصانه المفضل إلى الصحراء ليقابل الأجمل بين هؤلاء الجنيّات.
وسواء إذا ما تم نسيان الجسد أو إذا ما أصبح العقل أكثر حساسية تجاه قدرته الثاقبة، وسواء إذا ما نمت الأرواح وهى نائمة أو تبلغ فى وضوح، فإن الصحراء هى أولا وأخيرا المرآة التى يستطيع المرء أن يرى فيها العالم وربما يلمح وجه الله . ولكن الحقيقة المؤكدة هى أنه عاجلا أم آجلا سترى نفسك.

[1] تعنى فى الفارسية ثلاثين طائرا. (المترجم)
[2] تعنى فى الفارسية القدم المطوّقة. (المترجم)

0 تعليقات:

Post a Comment

 

الأعداد السابقة

1 2 3 4
5 6 7 8
9 10 11 12
13 14 15 16
       

محرر إيران خان

أنت الزائر رقم

Followers

Copyright 2010 إيران خان - All Rights Reserved.
Designed by Web2feel.com | Bloggerized by Lasantha - Premiumbloggertemplates.com | Affordable HTML Templates from Herotemplates.com.